مدينة شيان يانغ، هذه العاصمة السابقة العريقة التي تحمل في طياتها ذكريات مجد إمبراطورية تشين العظمى، كانت عاصمة أول سلالة موحَّدة في تاريخ الصين. فمنذ أن نقل الأمير تشين شياو قونغ عاصمته إليها عام 350 قبل الميلاد، اتخذت مكانتها كـ "أعظم عاصمة إمبراطورية في العالم"، ونقشت في جينات الحضارة الصينية رموزها المتمثلة في "توحيد الكتابة، وتوحيد مقاييس العربات، وتوحيد الموازين والمكاييل"، لتصبح من أهم العلامات لفهم تاريخ وثقافة الصين.
في يومي 10 و11 أغسطس، عبر دبلوماسيون مقيمون في الصين من 20 دولة أكثر من ألفي عام من الزمن، ليدخلوا مدينة شيان يانغ ويستكشفوا سر جينات الحضارة الصينية ونبض حيويتها في العصر الحديث.
جذور الحضارة: ملامسة الحمض النووي للحضارة
عند دخول متحف آثار قصر شيان يانغ في عهد أسرة تشين، يصبح مفهوم "الوحدة الكبرى" في عهد أسرة تشين ملموسًا من خلال تفسير القطع الأثرية. وقد أثارت القوالب المجوفة المزخرفة بنقوش التنين في متحف شيان يانغ إعجاب السفير آلان جوزيف تشينتيدزا (ALLAN JOSEPH CHINTEDZA) سفير جمهورية مالاوي لدى الصين، فقال: "من كان يظن أن طوب تشين قبل أكثر من ألفي عام قادر على مقاومة الرطوبة وعزل الصوت، إن العبقرية المعمارية عند القدماء الصينيين رائعة حقًا!" أما مقبرة ماو لينغ، التي تُلقب بـ "هرم الشرق"، فقد جعلت مفهوم “الثقافة العالمية المشتركة” أكثر تجسيدًا وواقعية.
عندما سار الدبلوماسيون المقيمون في الصين على جسر الدَور القديم تحت ضوء القمر، أتاح لهم العرض الواقعي "جيو جيو لاو تشين" الشعور بروح الابتكار لدى شعب تشين، كما أتاح لهم إعادة التجسيد الرقمي لقصر حديقة لان تشي لمسة مباشرة على تاريخ أكثر حيوية وواقعية.
صدى طريق الحرير: مواصلة كتابة فصل جديد من الازدهار المشترك
تزهر "الأزهار الذهبية" في شاي جينغ وي فو، وخلفها تكمن حكاية طريق الحرير التي تعود لأكثر من ستمائة عام، حيث كان شاي فو في شيان يانغ يُستخدم لتبادل الخيول ولإدارة الحدود. وقد صرح الضابط العسكري لسفارة جمهورية كوت ديفوار لدى الصين، آداما كوني (Adama KONE): "هذه 'الأزهار الذهبية' ليست مجرد هبة من الطبيعة، بل هي ثمرة براعة الإنسان وتقنياته."
اليوم، يواصل هذا "الذهب الأسود لطريق الحرير" ربط العالم من خلال الحفاظ على التراث الثقافي والإنتاج الرقمي. وأكد مسؤول الإعلام في جمهورية إيران الإسلامية، أمير منصوري (Amir Mansouri) : "إن شاي فو هو واحد من الجسور التي تربط بين الصين والعالم." فمن أجراس قوافل طريق الشاي والخيل القديمة إلى صفارات قطارات النقل الصينية - الأوروبية، تغيّرت الوسائل، لكن بقيت الحكمة نفسها: "اتخاذ الشاي كوسيلة للتواصل والانسجام والتعايش المشترك".
مدينة الابتكار العلمي: الحفاظ على روح الريادة والتجديد
"هذا الجهاز يمكنه تخفيف الانزعاج الداخلي في الجسم بشكل عميق." بعد تجربة جهاز العلاج بالليزر في حاضنة شركات التكنولوجيا في قاعدة تشين تشوانغ يوان للابتكار في مدينة شيان يانغ، أبدى الدبلوماسيون المقيمون في الصين إعجابهم وأشاروا بأصابع الإعجاب. في مدينة شيان يانغ، تعمل تشين تشوانغ يوان عبر آلية دمج "الحكومة والصناعة والجامعات والبحث والتطبيق والتمويل" على تمهيد الطريق أمام تحويل نتائج الابتكار العلمي والتكنولوجي إلى التطبيق العملي، مما جعل ممارسات تحويل الإنجازات العلمية إلى واقع أمرًا معتادًا. فمن "توحيد الكتابة وتوحيد مقاييس العربات" قبل أكثر من ألفي عام حتى كتابة فصل جديد من الريادة في تشين تشوانغ يوان اليوم، تظل روح أبناء منطقة سان تشين في الابتكار والمبادرة ثابتة لا تتغير.
من عام 350 قبل الميلاد وحتى عام 2025، تعد قصة شيان يانغ نموذجًا مصغرًا لتعددية ووحدة الحضارة الصينية، وانفتاحها وتسامحها، وهي أيضًا شاهد على الازدهار المشترك بين الصين والعالم من خلال التبادل والتعلم المتبادل. هذه الحوارات التي تمتد عبر أكثر من ألفي عام تجعل التاريخ حيًّا لا يغلق في طياته، وتجعل المستقبل أكثر وضوحًا. (النص / الصور : تشن نان)
Copyright ©1997- by CRI Online All rights reserved